The Mindset of Legends |عقلية الأساطير
كيف حولت هذه العقلية أشخاصًا عاديين إلى أساطير؟
لطالما كان هنالك عدة شخصيات خلفت بصمة عميقة في التاريخ،
محاربون ومفكرون أثروا على العالم أجمع بإنجازاتهم وأفكارهم، إلى أن تمكنوا من تحصيل لقب الأساطير!
فما الذي ميز هؤلاء الرجال إلى الحد الذي جعلهم شخصيات مؤثرة ألهمت الملايين؟
ماهو مصدر قوتهم؟
قد تتم الاشارة إلى الإنجازات والسلوك أو الشخصية. لكن لا أحد يولد بأي من ذلك، تلك الصفات هي نتاج لشيء أعمق.
المصدر الحقيقي يكمن في العقلية الفريدة ونمط التفكير.
لقد أتقنوا فن الرجولة!
الرجولة المتقنة، هي قوة قائمة على باقة من الصفات القوية: مثل الثقة الراسخة، الاعتماد على الذات، تحمل المسؤولية و إبداء سلوك القيادة.
وعندما يتمكن الفرد من تطوير هذه السمات مع الجمع بينها، سرعان ما يصبح قوة مطلقة، لا يستهان بها - و يتحول لشخصية فريدة وملهمة للعالم، يمكن اعتبارها أسطورة.
لذلك، سندرس اليوم العقلية المميزة التي جعلت الكثير من الرجال شخصيات فريدة أثرت على أمم بأكملها.
عبر اكتشاف الاستراتيجيات والفلسفة التي تبناها هؤلاء الشخصيات، وكيف ساهمت في نجاحهم الهائل.
#الثقة المطلقة والإيمان بالذات!
"ثق بنفسك!"
هي عبارة شائعة، غالبًا ما لا يتم أخدها على محمل الجد، بسبب كثرة استعمالها في الخطابات التحفيزية، إلا أنها في الحقيقة استراتيجية ذهنية عميقة عندما يتم فهمها وتطبيقها بالشكل الصحيح.
ففي عالم الرياضة التنافسية، يتمتع بعض الرياضيين بسلوكيات و أساليب ذكية تميزهم عن خصومهم.
مثل الثقة المطلقة قبل ليلة المباراة والاعتقاد الراسخ بالفوز، وكأن الخسارة ليست نتيجة محتملة.
إلا أنه عندما يلاحظ المتفرج سلوكا كهذا ، يكون استنتاجه بأن هذا الشخص مغرور ومتغطرس.
نظرا لإسائة فهم الثقة بالغطرسة، وخاصة في المجالات التنافسية.
لكن الشيء المثير للاهتمام هو أن الفوز عادةً ما يكون من نصيب هؤلاء الرياضيين.
ففي سنة 1974، تم تنظيم نزال تاريخي، جمع بين الاسطورة الراحل محمد علي، و العملاق جورج فورمان، الملاكم الأكثر رعبًا في ذلك الحين، والذي أطاح بكل خصومه السابقين، بما فيهم المخضرم جو فرايزر، أول من ألحق الهزيمة بعلي.
كان فورمان مسيطراً على الساحة، وكان الناس يعتبرون علي خارج أوج عطائه آنذاك.
ومع ذلك، عندما تم تحديد موعد المباراة بينه وبين العملاق فورمان، قد بدى سلوكه أثناء المؤتمرات الصحفية صادمًا للعامة.
فلم يظهر علي درة خوف أو دعر، بل أظهر مستوى غير طبيعي من اليقين و الثقة بالذات، ثابتًا في اعتقاده بأن الفوز سيكون حليفه، و مستعملا خطابات و أساليب لغوية تمهد لذلك.
في ما أصبح من أعظم مفاجآت الملاكمة في التاريخ، حيث تمكن محمد علي من إلحاق الهزيمة بجورج فورمان باستراتيجية في منتهى الاحترافية و الدهاء، مثبتا أن ثقته لم تكن في غير محلها.
هذه من أفضل الأمثلة التي يمكنني تقديمها حول هذه الفكرة، لكن ربما تتساءل الآن "هل الثقة المطلقة هي سبب الفوز؟
و ما هو مصدر الثقة بالنفس أساسا؟
#التفاني، والعمل الجاد هو السر!
"إن لم تكن الثقة بالنفس مبنية على أساس صلب، فهي مجرد تظاهر أو تهور"
في المؤتمر الصحفي، عبر علي عن مدى قساوة تدريبه استعدادا للنزال، مشيرا الى أنه كان يقوم بقطع الأشجار و ما الى ذلك من التدريبات.
ما يثبت أن مصدر تلك الثقة والعقلية التي تبناها للقتال، هو تفانيه في العمل و قساوة تدريباته،
فقد عمل بجد لدرجة أنه بدأ يصدق بأن الفوز أمر لا مفر منه.
كما أنه قد تلقينا لمحة عن اجتهاد و قوة تدريب محمد علي من خلال اقتباسه الشهير "لا أبدأ في حساب التكرارات حتى يؤلمني التمرين".
نعم، تتمتع الشخصيات المميزة بالثقة، لكن ثقتهم تأتي من قساوة العمل الجاد والانضباط والالتزام بالمهام.
فالاجتهاد في عملك هو المفتاح الذي يؤدي إلى التفوق العقلي على الآخرين، "العمل الجاد هو ما يقوي الرجال، عقليًا وجسديًا".
ستفكر أيضًا بهذه الطريقة عندما تكون مجتهدًا حقيقيًا.
#الرؤية!
لم يكن للأساطير أن يصبحوا ما أصبحوا عليه، من خلال اتباع القطار، بل كان لكل منهم رؤيته الخاصة في هذه الحياة.
فإن لم يكن لديك رؤية محددة لهدف ما، سينتهي بك الحال مثل البقية، لا شيء جديد، لا شيء مميز، ولا شيء فريد.
إذا أردت إحداث تأثير أو تغيير، فيجب أن يكون لديك شيء يدور في ذهنك.
لمنح حياتك ذاك الشعور بالهدف، و لتكريس كل يوم في حياتك لذاك الهدف.
فيتم تعريف الأساطير بقدرتهم على رؤية ما لا يستطيع الآخرون رؤيته - مثل تصور مستقبل أفضل، بحيث يتحول هذا التصور الى القوة الدافعة وراء أفعالهم.
فقد ألهمت رؤية النبي محمد ﷺ لجمع البشرية تحت راية التوحيد والسلام ملايين الناس على مر العصور.
كما ساعدت رؤية صلاح الدين الأيوبي لتحرير القدس على قيادة جيشه بإصرار حتى تحقق الهدف المنشود.
و وصولا للعالم الحديث، قد أحدث ستيف جوبز ثورة في الصناعات برؤيته و تصوره للتكنولوجيا السلسة والسريعة.
فالرؤية ليست مجرد فكرة، بل هي غرض متجذر بعمق، يحفز على التصرف و توجيه الأفعال، و يلهم الآخرين على التجمع وراء صاحبها.
وكما يوضح سيمون سينك في كتابه "ابدأ بالسبب"، فإن الغاية تميز القادة العظماء عن غيرهم.
عندما يكون لديك "سبب" مقنع، فذلك يحفز على التصرف، يقوي الإبداع في الأداء، ويجذب الحلفاء.
وعلى حد تعبير فيكتور فرانكل، "أولئك الذين لديهم "سبب" للعيش يمكنهم تحمل أي تساؤل عن "كيف". الرؤية، تمنح الحياة معنى وتركيزًا.
لذلك...إذا كان لديك غرض في ذهنك، فلا تستمع أبدًا إلى من بإزالته من تفكيرك، فهو في ذهنك لسبب محدد، لذلك يجذر بك إنجازه.
#الشجاعة!
الشجاعة هي سمة أخرى من سمات الأساطير.
لكن الشجاعة لا تعني غياب الخوف، بل القدرة على التصرف على الرغم من الشعور به.
فالشجعان يشعرون بالخوف لكنهم لا يسمحون له بتملكهم والسيطرة عليهم. بل يوجهونه إلى شجاعة ويحولونه إلى عمل.
و كما قال مايك تايسون: "الرجل الشجاع ليس ذاك من لا يشعر بالخوف، بل من يتغلب عليه".
توباك شكور، الفنان الثائر الذي استخدم فن الراب كوسيلة لنشر فلسفته ورسالته للعالم.
و الذي لم تتجاوز مسيرته الفنية مدة خمس سنوات قبل اغتياله.
كان لدى توباك شجاعة لا تتزعزع للتحدث ضد السلطة القمعية والظلم، و النظام الفاسد.
و لم يكن يخشى تناول المواضيع المثيرة للجدل التي لا يجرؤ أي فنان آخر على التحدث عنها، بالرغم من جميع عمليات الإيداء التي كان يتعرض لها، آملا في إحداث تغيير نحو الافضل.
ومع اقتناعه بأن اغتياله هو أمر لا مفر منه، كان أمله هو ترك تأثير من بعده لإلهام عقول الآخرين لإحداث تغيير، من خلال البوماته و تصريحاته و كتبه.
بالنسبة لهؤلاء الشخصيات، الشجاعة تنبع من اقتناعهم العميق بغايتهم.
فقد كانوا على استعداد للمجازفة بكل شيء من أجل معتقداتهم، وكسر الحدود وإلهام الآخرين للقيام بنفس الشيء.
#الانضباط في العمل!
الانضباط هو ما يمكن أن يحول رؤيتك إلى حقيقة.
إنه الأساس الذي تُبنى عليه جميع الصفات الأخرى. هو التطبيق المستمر للجهد والتركيز والتحكم الذاتي الذي يحول الإمكانات إلى واقع ملموس. الانضباط هو الاستمرارية في الخدمة والأداء، حتى عندما يتلاشى الدافع أو تسود عوامل التشتيت.
فطالما تدرب محمد علي بقوة واستمرار لدفع جسده وعقله إلى أقصى الحدود من الأداء، وهذا ما غذى ثقته وشجاعته. كما قامت تدريبات بروس لي واكتشافاته المستمرة في عالم فنون القتال بتحويله إلى فيلسوف ورمز للإتقان في فنون الدفاع عن النفس.
وينطبق ذلك أيضًا على كريستيانو رونالدو، الذي يعد مثالاً حيًا للانضباط الرياضي. فقد التزم بتدريبات صارمة ونظام غذائي دقيق على مر السنين، مكنه من الحفاظ على مستواه العالي في كرة القدم لعقود. كما يقول رونالدو: "الموهبة لا تكفي، عليك أن تعمل بجد أكثر من أي شخص آخر".
فالانضباط يتطلب التضحية، وإعطاء الأولوية للأهداف طويلة المدى على المشتتات. إنه يبني القوة العقلية والاتساق والقدرة على تحمل الشدائد. وكما يقول المثل: "الانضباط هو الجسر بين الأهداف والإنجاز".
#الكاريزما!
الكاريزما هي تلك الهالة التي تحيط بصاحبها، أو الطاقة المغناطيسية التي تؤثر على الآخرين وتقوم بجذبهم. عندما يحظى المرء بهذه الميزة، يكون له حضور في منتهى القوة يتردد صداه لدى الآخرين.
بالنسبة للعديد من الأساطير، الكاريزما هي نتيجة طبيعية للإيمان بالذات، الشجاعة، والقيادة، التي تشكل طاقة يشعر بها الآخرون.
فلم يكن محمد علي معروفًا بمهاراته الاستثنائية في الملاكمة فحسب، بل كان معروفًا أيضًا بقدرته على أسر المتفرجين بكلماته وسلوكه وشخصيته الفريدة. كما خلقت استفزازاته الشهيرة وتصريحاته الجريئة هالة جعلت الناس ينتبهون إليه كلما أدلى بتصريح.
وعلى نحو مماثل، كان لشخصيات مثل مالكولم إكس حضور مؤثر و مهيب، لأن اقتناعه الراسخ برؤيته ألهم الآخرين لاتباعه ثورته.
و خالد بن الوليد، الذي كان قائدًا عسكريًا بارعًا ألهم جنوده بشجاعته وذكائه في المعارك. كما كان يتمتع بهالة قيادية جعلت جنوده يثقون به ثقة عمياء، ويمضون خلفه لتحقيق النصر في أصعب الظروف.
وعلى الجانب الآخر كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قائدا مهيبا، أظهر قدرة مذهلة على قيادة المسلمين، من خلال حكمه العادل، خطبه المؤثرة و أفعاله الحاسمة التي وضعت العدالة والمساواة في مقدمة أولوياته.
فالكاريزما تتضمن القدرة الفطرية على القيادة، وجعل الناس يؤمنون برؤية المستقبل التي يحظى بها الفرد.
لذلك، كان حضور هؤلاء القادة يمنح الآخرين شعور الاطمئنان، و أن أي شيء ممكن، إذا كان هناك رؤية واضحة وإرادة صلبة لتحقيقها.
عموما! الرجولة المتقنة أو عقلية الأساطير هي اندماج قائم على الثقة المتجذرة في العمل الجاد، الرؤية النبيلة، الشجاعة في مواجهة الشدائد، الانضباط الثابت، والكاريزما الأصيلة التي تنتج كل ذلك.
عندما تتناغم هذه السمات، تشكل أفرادًا يتركون أثرًا دائمًا على العالم.
ومع أخد لمحة عن فلسفة و استراتيجيات هذه الشخصيات، يمكنك تجسيد تلك المبادئ في نفسك،
و شق مسارك نحو القوة المطلقة.
رابط المقطع ▶️
تعليقات
إرسال تعليق